فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله: {بَاطِلًا} يجوزُ أَنْ يكونَ نعتًا لمصدرٍ محذوفٍ، أو حالًا مِنْ ضميرِه أي: خَلْقًا باطلًا، ويجوزُ أَنْ يكونَ حالًا مِنْ فاعل {خَلَقْنا} أي: مُبْطِلين أو ذوي باطلٍ. ويجوزُ أَنْ يكونَ مفعولًا مِنْ أجلِه. أي: للباطل وهو العَبَثُ. وأم في الموضعَيْن منقطعةٌ وقد عَرَفْتَ ما فيها.
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)}.
قوله: {كِتَابٌ} يجوزُ أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: هذا كتابٌ و{أَنْزَلْناه} صفةٌ و{مبارَكٌ} خبرُ مبتدأ مضمرٍ أو خبرٌ ثانٍ، ولا يجوزُ أَنْ يكونَ نعتًا ثانيًا، لأنَّه لا يتقدَّمُ عند الجمهورِ غيرُ الصريحِ على الصريحِ. ومَنْ يرى ذلك استدلَّ بظاهِرها، وقد تقدَّم هذا محرَّرًا في المائدة.
و{لِيَدَّبَّروا} متعلقٌ ب {أَنْزَلْناه}. وقُرِئ {مبارَكًا} على الحالِ اللازمةِ؛ لأنَّ البركةَ لا تفارِقُه. وقرأ علي رضي الله عنه {لِيَتَدَبَّروا} وهي أصلُ قراءةِ العامَّةِ فأُدْغِمَتْ التاءُ في الدالِ. وأبو جعفر- ورُوِيَتْ عن عاصم والكسائي- {لِتَدَبَّروا} بتاءِ الخطاب وتخفيفِ الدالِ. وأصلُها لِتَتدَبَّروا بتاءَيْن فحُذِفَتْ إحداهما. وفيها الخلافُ المشهورُ: هل هي الأُوْلى أو الثانية؟
{وَوَهَبْنَا لِداود سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)}.
قوله: {نِعْمَ العبد} مخصوصُها محذوفٌ أي: نِعْمَ العبدُ سليمانُ. وقيل: داودُ. والأولُ أظهرُ لأنه هو المَسُوْقُ للحديثِ عنه. وقُرِئ بكسرِ العين، وهي الأصلُ كقولِه:
نَعِمَ السَّاعونَ في القومِ الشُّطُرْ

{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)}.
قوله: {إِذْ عُرِضَ} في ناصبه أوجهٌ، أحدها: نِعْم، وهو أضعَفُها لأنه لا يَتَقَيَّدُ مَدْحُه بوقتٍ، ولعدمِ تَصَرُّفِ نِعْمَ. والثاني: {أوَّاب} وفيه تقييدُ وَصْفِه بذلك بهذا الوقت. والثالث: اذكرْ مقدرًا وهو أَسْلَمُها و{الصَّافِناتُ} جمعُ صافنٍ. وفيه خلافٌ بين أهلِ اللغةِ. فقال الزجَّاجُ: هو الذي يقفُ على إحدى يدَيْه ويَقِفُ على طَرَفِ سُنْبُكه، وقد يفعل ذلك بإحدى رجلَيْه. قال: وهي علامةُ الفَراهةِ فيه، وأنشد:
أَلِفَ الصُّفُوْنَ فما يَزال كأنَّه ** مِمَّا يقومُ على الثلاثِ كَسِيْرا

وقيل: هو الذي يَجْمَعُ يديه ويُسَوِّيهما. وأمَّا الذي يقفُ على سُنْبُكِه فاسمُه المُخِيْم قاله أبو عبيد. وقيل: هو القائمُ مطلقًا، أي: سواءً كان من الخيل أم مِنْ غيرها قاله القُتبيُّ، واستدلَّ بالحديث وهو قوله عليه السلام: «مَنْ سَرَّه أَنْ يقومَ الناسُ له صُفُونًا فَلْيتبوَّأْ مقعدَه من النار» أي: يُديمون له القيام. وحكاه قطرب أيضًا. وقيل: هو القيامُ مطلقًا سواءً وقفتَ على طَرَف سُنْبك أم لا. قال الفراء: على هذا رأيْتُ أشعارَ العرب. انتهى وقال النابغة:
لنا قُبَّةٌ مَضْروبة بفِنائها ** عِتاقُ المَهارى والجياد الصَّوافِنُ

والجِيادُ: إمَّا من الجَوْدَةِ يقال: جاد الفَرَسُ يجودُ جَوْدة وجُوْدة بالفتح والضم فهو جَوادٌ للذكر والأنثى، والجمع: جِيادٌ وأَجْواد وأجاويد وقيل: جمع لجَوْد بالفتح كثَوْب وثِياب. وقيل: جمع جَيِّد. وإما من الجِيْد وهو العُنُق والمعنى: طويلة الأجياد، وهو دالٌّ على فَراهتِها.
{فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32)}.
قوله: {حُبَّ الخير} فيه أوجهٌ، أحدُها: هو مفعولُ {أَحْبَبْت} لأنه بمعنى آثَرْتُ، وعَنْ على هذا بمعنى على، أي: على ذِكْر ربي؛ لأنه يُرْوَى في التفسيرِ- واللَّهُ أعلم- أنه عَرَضَ الخيلَ حتى شَغَلَتْه عن صلاة العصرِ أولَ الوقتِ حتى غَرَبَتِ الشمسُ. وقال الشيخ: وكأنه منقولٌ عن الفراء أنه ضَمَّن أَحْبَبْتُ معنى آثَرْتُ حتى نصبَ {حُبَّ الخير} مفعولًا به. وفيه نظرٌ؛ لأنه متعدٍّ بنفسه، وإنما يَحتاج إلى التضمين إنْ لو لم يكنْ متعدِّيًا. الثاني: أنَّ {حُبَّ} مصدرٌ على حَذْفِ الزوائد. والناصبُ له {أَحببتُ}. الثالث: أنه مصدرٌ تشبيهيٌّ أي: حُبًا مثلَ حُبِّ الخير. الرابع: أنه قيل: ضُمِّن معنى أَنَبْتُ، فلذلك تَعَدَّى بعن. الخامس: أنَّ {أَحْبَبْتُ} بمعنى لَزِمْتُ. السادس: أنَّ {أَحْبَبْتُ} مِنْ أحَبَّ البعيرُ إذا سَقَطَ وبَرَك من الإِعْياء. والمعنى: قَعَدْتُ عن ذِكْر ربي، فيكون {حُبَّ الخيرِ} على هذا مفعولًا مِنْ أجله.
قوله: {حتى تَوارَتْ} في الفاعل وجهان، أحدهما: هو {الصافنات} والمعنى: حتى دخلَتْ اصْطَبْلاتِها فتوارَتْ وغابَتْ. والثاني: أنه للشمس أُضْمِرَتْ لدلالة السِّياق عليها. وقيل: لدلالةِ العَشِيِّ عليها فإنها تشعر بها. وقيل: يدل عليها الإِشراق في قصة داود. وما أبعده.
وقوله: {ذِكْرِ ربي} يجوز أَنْ يكونَ مضافًا للمفعول أي: عن أَنْ أذكر ربي، وأَنْ يكونَ مضافًا للفاعل أي: عَنْ أَنْ ذَكرني ربي. وضميرُ المفعولِ في {رُدُّوها} للصافناتِ. وقيل: للشمس، وهو غريبٌ جدًّا.
{رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33)}.
قوله: {مَسْحًا} منصوبٌ بفعلٍ مقدر، وهو خبر {طَفِق} أي: فَطَفِق يَمْسَح مَسْحًا؛ لأنَّ خبرَ هذه الأفعالِ لا يكونُ إلاَّ مضارعًا في الأمر العام. وقال أبو البقاء وبه بَدأ: مصدرٌ في موضعِ الحالِ. وهذا ليس بشيء لأنَّ طَفِقَ لابد لها مِنْ خبر.
وقرأ زيد بن علي: {مِساحًا} بزنةِ قِتال. والباءُ في {بالسُّوْق} مزيدةٌ، مِثْلُها في قولِه: {وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: 6]. وحكى سيبويه مَسَحْتُ رأسَه وبرأسِه بمعنًى واحدٍ. ويجوز أن تكونَ للإِلصاق كما تقدَّم تقريرُه. وتقدَّم هَمْزُ السُّؤْق وعدمُه في النمل. وجعل الفارسي الهمزَ ضعيفًا. وليس كما قال؛ لِما تقدَم من الأدلة. وقرأ زيد بن عليّ {بالساق} مفردًا اكتفاءً بالواحدِ لعَدمِ اللَّبْسِ كقولِه:
وأمَّا جِلْدُها فصَلِيْبُ

وقولِه:
كلُوا في بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا

وقولِه:
في حَلْقِكم عَظْمٌ وقد شَجيْنا

وقال الزمخشري: فإنْ قلتَ: بمَ اتَّصَلَ قولُه: {رُدُّوها عليَّ}؟ قلت: بمحذوفٍ تقديرُه قال: {رُدُّوها} فأضمر، وأضمر ما هو جوابٌ له. كأنَّ قائلًا قال: فماذا قال سليمان؟ لأنه موضعٌ مُقتَضٍ للسؤالِ اقتضاءً ظاهرًا. قال الشيخ: وهذا لا يُحتاجُ إليه؛ لأنَّ هذه الجملةَ مُنْدَرِجَةٌ تحت حكايةِ القولِ وهو: {فَقَالَ إني أَحْبَبْتُ}.
{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34)}.
قوله: {جَسَدًا} فيه وجهان:
أظهرُهما: أنه مفعولٌ به لأَلْقَيْنا. وفي التفسيرِ: أنه شِقُّ وَلَدٍ.
والثاني: أنه حالٌ وصاحبُها: إمَّا سليمانُ؛ لأنه يُرْوى أنه مَرِضَ حتى صار كالجسد الذي لا رُوْحَ فيه، وإمَّا وَلَدُه. قالهما أبو البقاء: ولكنْ جسدٌ جامدٌ، فلابد مِنْ تأويلِه بمشتقٍّ، أي: ضعيفًا أو فارغًا.
{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)}.
قوله: {تَجْرِي} يجوزُ أَنْ تكونَ مُفَسِّرةً لقولِه: سَخَّرْنا، وأَنْ تكونَ حالًا من الريح. والعامَّةُ على توحيد الريح، والمعنى على الجمعِ. وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو جعفر وقتادة {الرياح} و{رُخاءً} حالٌ مِنْ فاعل {تَجْري}. والرُّخاءُ: الليِّنَةُ مشتقةً من الرَّخاوة. ومعنى ذلك الطواعيةُ لأمْرِه.
قوله: {حيث} ظرفٌ ل {تَجْري} أو ل {سَخَّرْنا}. و{أصاب} أراد بلغةِ حِمْير. وقيل: بلغة هَجَر. وعن رجلين مِنْ أهل اللغة أنهما خرجا يَقْصِدان رؤبة ليسألاه عن هذا الحرف. فقال لهما: أين تُصيبان؟ فعَرفاها وقالا: هذه بُغْيَتُنا. وأنشد الثعلبي على ذلك:
أصابَ الجوابَ فلمْ يَسْتَطِعْ ** فأخْطا الجوابَ لدى المِفْصَلِ

أي: أراد الجوابَ. ويُقال: أَصاب اللَّهُ بك خيرًا أي: أرده بك. وقيل: الهمزةُ في {أصاب} للتعديةِ مِنْ صابَ يَصُوْبُ أي: نَزَلَ، والمفعولُ محذوفٌ أي: أصاب جنودَه أي: حيث وجَّههم وجعلهم يصُوْبون صَوْبَ المطرِ.
{وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37)}.
قوله: {والشياطين} نَسَقٌ على {الريحَ}. و{كلَّ بنَّاءٍ} بدلٌ من {الشياطين} وأتى بصيغةِ المبالغةِ لأنَّه في مَعْرِضِ الامتنانِ. و{آخرين} عطفٌ على {كلَّ} فهو داخِلٌ في حكمِ البدلِ. وتقدَّم شَرْحُ {مُّقَرَّنِينَ فِي الأصفاد} [إبراهيم: 49] في آخرِ سورة إبراهيم.
{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39)}.
قوله: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنه متعلقٌ ب {عَطاؤُنا} أي: أَعْطيناك بغَير حِسابٍ ولا تقديرٍ، وهو دلالةٌ على كثرةِ الإِعطاء. الثاني: أنه حالٌ مِنْ {عَطاؤنا} أي: في حال كونِه غيرَ محاسَبٍ عليه لأنه جَمٌّ كثيرٌ يَعْسُر على الحُسَّاب ضَبْطُه. الثالث: أنه متعلقٌ بامْنُنْ أو {أمسِكْ} ويجوزُ أَنْ يكونَ حالًا مِنْ فاعلهما أي غيرَ محاسَب عليه.
{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)}.
قوله: {وَحُسْنَ مَآبٍ} العامَّةُ على نصبِه نسقًا على اسم إنَّ وهو {لَزُلْفَى}. وقرأ الحسن وابن أبي عبلة برَفعِه على الابتداءِ، وخبرُه مُضْمَرٌ لدلالةِ ما تقدَّمَ عليه ويَقِفان على {لَزلْفَى} ويَبتَدِئان ب {حُسْنُ مآب} أي: وحُسْنُ مآب له أيضًا. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في صوب:
صاب المَطَرُ بمكان كذا، وصاب أَرضَهم يَصُوبها، كقولك: مَطَرها وجادها.
وسقاهم صَوْبُ السّماءِ وصيِّبُها، قال تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ}.
وسحابٌ صَيِّب، وغَيْث صيِّب.
وأَصابته مُصيبة، ومُصَاب، ومصيبات ومصائب، قال الله تعالى: {الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ}.
وسهم صائب ومُصيب.
وصاب السّهمُ نحو الرّمِيَّة وهو يَصُوب نحوَه.
وَرَمى فأَصاب.
وأَصاب في رأيه.
ورأىٌ مصيب وصائب.
وأَصاب الصّواب، وصوّبت رأيه.
وقال تعالى: {رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ}.
والصّواب يقال على وجهين: أَحدهما باعتبار الشىء في نفسه، يقال: هذا صواب: إِذا كان محمودًا أَو مرضيّا في العقل والشرع؛ نحو قوله: تحرِّى العدلِ صوابٌ، والكرَم صواب.
الثانى باعتبار الفاعل إِذا أَدرك المقصود بحسب ما يقصده، فيقال: أَصاب كذا، أي وجد ما طلب، كقولك: أَصابه بالسهم وذلك على أَضرب:
الأَوّل: أَن يقصد ما يَحسن قصدُه وفعله فيفعلَه، وذلك هو الصّواب التَّامّ المحمود عليه.
والثانى: أَن يقصد ما يحسن فعله فيتأَتَّى منه غيره؛ لتقديره بعد بذل جهده أَنه صواب.
وذلك هو المراد بما يُرْوَى: كلُّ مجتهد مصيب.
ومنه: مَن اجتهد فأَصاب فله أَجران، وإِن أَخطأَ فله أَجر.
والثالث: أَن يقصد صوابا فيتأَتَّى منه خطأ لعارض من خارج؛ نحو من يقصد رَمْى صيدٍ فأَصاب إِنسانًا، فهذا معذور.
وَالرَّابع: أَن يقصد ما يقبح فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يقصده، فيقال: أَخطأَ في قصده فأَصاب الذي قصده، أَى وجده.
والصَوْب: الإِصابة، يقال: صابَه وأَصابَه.
وجُعل الصَوْب لنزول المطر إِذا كان بقدر ما ينفع، وإِلى هذا القدر من المطر أَشار تعالى بقوله: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ}.
قال الشاعر:
فَسَقَى دِياركِ غيرَ مُفسِدِها ** صَوْبُ الرّبيع ودِيمةٌ تَهْمِى

وقيل: الصَيَب: السّحاب المختصّ بالصَوْب، وهو فَيْعِل من صاب يَصُوب، وقيل: هو السّحاب.
قيل: هو المطر، وقيل: هو الغيم ذو المطر.
وأَصله صَيْوب فأبدل وأدغم.
وقال ابن دريد: أَصله صَوِيب، على فَعِيل.
وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من يُردِ الله بهُ خيرًا يُصِب منه» أي من أَراد به خيرًا ابتلاه بالمصائب لِيُثِيبَهُ عليها.
يقال: مصيبة ومُصَابة.
وقد أَجمعت العرب على همز المصائب وأَصلها الواو، كأَنَّهم شبّهوا الأَصل بالزائد.
ويجمع أَيضًا على مَصاوِب على الأَصل.
وقال تعالى: {وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}.
وأَصاب جاءَ في الخير والشرّ، قال تعالى: {إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ}.
وقال بعضهم: الإِصابة في الخير اعتبارًا بالصَوْب، أي المطر، وفى الشرّ اعتبارًا بإِصابة السّهم. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَوَهَبْنَا لِداود سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30)} {نِعْمَ الْعَبْدُ} لأنه كان أَوَّابًا إلى الله، راجعًا إليه في جميع الأحوال؛ في النعمة بالشكر، وفي المحنة بالصبر.
{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)} {الصَّافِنَاتُ} جمع صافنة وهي القائمة، وفي التفاسير هي التي تقوم على ثلاث قوائم؛ إذ ترفع إحدى اليدين عل سُنْبُكِها. وجاء في التفاسير أن سليمان كان قد غَزَا أهلَ دمشق، وأصابَها منهم، وقيل وَرِثَهَا عن أبيه داود وكان قد أصابها من العمالقة، وقيل كانت خيلًا لها أجنحة خرجت من البحر.
وفي بعض التفاسير عُرِضَ عليه عشرون ألف فرسٍ فَشَغَلَتْه عن بعض أذكاره لله.
{بِالْعَشِىِّ} في آخر النهار، وقيل كان ذلك صلاة العصر.
{فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32)} أي لَصقْتُ بالأرض لحُبِّ المال. ويقال لمَّا سَبَّلَ هذه الأفراس عَوَّضَه الله- سبحانه- بأن سَخَّرَ له الريح، وهذا أبلغ، وكلُّ مَنْ تَرَكَ شيئًا لله لم يخسر على الله.
{رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33)} قيل أقبل يمسح سوقها وأعناقها بيده إكرامًا منه لها بعد لها بعدأن فَرَغَ من صلاته.